هل اقتحام ميناء الحديدة سيوقف تهريب السلاح أم سيوسع جبهات الحرب العبثية..؟
يمنات
لطف الصراري
البحر الأحمر مكتظ بسفن وبوارج «التحالف» وداعميه الدوليين. ما الداعي إذاً لاقتحام الحديدة ومينائها؟ في لقاء مع قناة «آر تي» الروسية، العام الماضي، قال الناطق باسم «التحالف»، أحمد عسيري، إن هناك عمليات تهريب تتم عبر المياه الإقليمية لليمن. كان الحرج بادياً عليه وهو يقول ذلك، ولم يتمكن من تحاشي التلكؤ وهو يبدي أسفه لعدم قدرتهم على ضبط عمليات التهريب «القليلة» تلك.
و منذ الإعلان عن جهوزية الخطط لاقتحام ميناء الحديدة قبل شهر، جرى الحديث عن أن أبرز أسباب ذلك هو استخدام الحوثيين وصالح للميناء الوحيد الذي لايزال تحت سيطرتهم في تهريب السلاح، وشن هجمات على سفن سعودية وأمريكية.
في الواقع، مازال الأمر محيراً مع تزايد الحشد العسكري؛ إذ من أين ستصل الأسلحة إلى ميناء الحديدة إذا كانت جميع السفن تخضع للتفتيش في عرض البحر، بما في ذلك السفن المحملة بالغذاء والأدوية والوقود؟! لنقل إن بعض عمليات تهريب السلاح تنجح أحياناً، فلماذا لا نسمع عن ضبط العمليات الفاشلة التي بالضرورة ستكون كثيرة مادامت المحاولات مستمرة؟ ثم ما هذا الهراء عن ذريعة تهريب السلاح؟ لقد بات العالم بأسره يعرف عن صفقات السلاح التي تبرمها السعودية مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا، ومن يبيع السلاح لطرف لن يمانع منافسوه من بيعه للطرف الآخر، وهل تقوى السعودية على اعتراض صفقة سلاح روسية مثلاً؟
منذ سنوات الحرب الباردة بين الإتحاد السوفيتي ودول حلف شمال الأطلسي، كان إرسال الأسلحة إلى مناطق القتال قد ترسخ كإحدى قواعد الصراع الدولي. وما لا يريد المتحمسون لاقتحام الحديدة أن يعرفوه، هو أن شحنات الأسلحة المرسلة إلى اليمن لا تقتصر على تلك التي تمررها السعودية لحلفائها داخل اليمن؛ فهناك بالأحرى شحنات تصل إلى الحوثيين محمية بأعراف تجارة السلاح عالمياً. ومن الذي لا يعرف، مبدئياً على الأقل، كيف يوصل تجار السلاح، ومنهم سعوديون طبعاً، شحنات عملائهم إلى بر الأمان؟ يتعلق الأمر بالتجارة إذاً، وليس بإحكام السيطرة على هذا الميناء أو ذاك.
من ناحية أخرى، هل يعني اقتحام الحديدة هزيمة فعلية للحوثيين وصالح أم توسيعاً عبثياً لجبهات الحرب كما هو حال الطبيعة العبثية لهذه الحرب منذ بدايتها؟ يعتقد المتحمسون أنفسهم أن سيطرة «التحالف» على الحديدة ستفتح أبواب الخير على سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. لا يعرفون أن ذلك، على افتراض أن دول «التحالف» جمهوريات أفلاطونية، لن يحدث قبل موت آلاف المواطنين جوعاً وتشريداً. هذا بصرف النظر عن الكلفة الإنسانية التي سيدفعها سكان الحديدة جراء تحويلها إلى منطقة حرب مفتوحة.
في الوقت الذي يتخوف فيه نشطاء العالم من توسيع جبهات الحرب لتشمل شريان الحياة الأخير لملايين اليمنيين في المحافظات الشمالية، لا أحد يكترث للثمن الذي ستدفعه آلاف الأسر القاطنة في المدينة والمناطق التي سيمتد إليها القتال. وفي المحصلة، لن تتمكن السعودية ولا غيرها من إيقاف تدفق السلاح إلى حلفائها أو خصومها، ما دامت الحرب قائمة..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا